<p dir="RTL">قال بعض أهل الفضل والنباهة ;-أن هناك طائفة من أهل العلم قد سبقت علومهم عصرهم وتكلموا في مسائل لم تقع, فأصابوا المحز حدسا وفراسة ,ووضعوا الهناء على النقب إلهاما وكشفا, لا</p>
<hr />
<p dir="RTL">من أجل النظر في اللوح المحفوظ ولا الإطلاع في الكتاب المكنون!! كما يقول أهل الزندقة والشطح, ولكنه نور العلم الذي دلهم على معرفة الوقائع بالتوسم, وإشراق البصيرة الذي ساقهم إلى الصواب بالنظر في سنة الله</p>
<p dir="RTL">&nbsp;</p>
<p dir="RTL">وأخي الشاب المتكهل صغير الجرم كبير العقل والعلم, كثير الفضل والحلم,&nbsp; الذي سبق عقله سائر أعضائه, وأفصحت لنا الأيام عن نفس كريمة,وأخلاق حميدة تشق على أصحاب الرياضات والمجاهدة والمكابدة,ويزداد مع معترك الأيام تألقا ونفاسة, فإن الذهب إذا وضع في الكير لا يزداد إلا نقاء وصفاء وجودة وكذلك صاحبي هذا!!</p>
<p dir="RTL">&nbsp;</p>
<p dir="RTL">فهو كالشجرة الوارفة التي طابت ثمارها وأينعت وفاحت أزهارها وتفحت فحيثما جئت تجد ظلا ظليلا وماء عذبا نميرا</p>
<p dir="RTL">&nbsp;</p>
<p dir="RTL">ومما يعظمه في صدري عظم العلم في قلبه وصغر الدنيا في عينيه, فهو يتكلم بلغة أهل العلم ويظهر عليه سمتهم ويشمله أدبهم وتعمه رحمتهم ورأفتهم</p>
<p dir="RTL">&nbsp;</p>
<p dir="RTL">وقد سلمه الله من دسيسة النفس الخبيثة ,وحسيكة البواطن المنتنة, فلا يحجبه عن المعروف حسد ولا يصده عن الخير غل, ولا يحبسه عن الفضل حقد</p>
<p dir="RTL">فنفسه نفس عقابية لا تعيش إلا في قمم الأخلاق الفاضلة نأى بها عن عالم الزواحف والهوام التي تؤذي البدن والبصر</p>
<p dir="RTL">&nbsp;</p>
<p dir="RTL">وأما الكرم والبذل والعطاء فهو يأتيه محبة وفرحا كأنما صبغت نفسه في جبال طيء, وتربى بين المهلبيين, وترعرع في دور الأنصار!</p>
<p dir="RTL">لم يكن أكثرهم مالا ولكن كان أرحبهم ذراعا</p>
<p dir="RTL">&nbsp;</p>
<p dir="RTL">وأما حبه للخير فما رأيت له نظيرا إلا في الكبار ,فإنك تذكر به حياة ابن باز وأيام محمد الحسن عبد القادر وسل من صحبه وكان جليسه وأنيسه</p>
<p dir="RTL">&nbsp;</p>
<p dir="RTL">ومن يمن الله عليه أنه رزق محبة الأشياخ وصحبة الأكابر من أهل العلم ويعرفون له قدره ومنزلته في العلم مع صغر سنه</p>
<p dir="RTL">&nbsp;</p>
<p dir="RTL">وأما كاتب السطور يعلم أن لهذا الأخ عليه من الأيادي البيضاء والحسنات الكثيرة والفضائل العديدة&nbsp; ما لا يقدر معها على المكافأة&nbsp; لكن يكثر له من الدعاء والثناء</p>
<p dir="RTL">&nbsp;</p>
<p dir="RTL">وما أسهل تحصيل العلم في زماننا ولكن أين أجد مثل أخلاقه وشيمه وخلاله وأدبه ,وأنك إذا علمت عظم الهموم التي عنده والكروب التي أحاطت به تقول :لا يمكن لمثل هذا أن يتكلم بل ينبغي أن&nbsp; يتضور ويتألم, ولكن صبر لها صبر الجمال على العطش وتجلد لها تجلد الراسيات على الرياح الهوج.</p>
<p dir="RTL">ولقد صقلته تلك المحن فخرج منها ذهبا خالصا, ولؤلؤا صافيا, ولم تزده إلا حلاوة وطلاوة</p>
<p dir="RTL">ونحن في أيام أعز شيء فيها الأخ الصالح والصديق المواتي, فكيف أفرط فيه بعد الظفر به والحصول عليه</p>
<p dir="RTL">فإن كان هو يجهل قدره لتواضعه فإني أعرف قدره وفضله, وإن كان الوجه لم يلق الوجه لكن يكفينا تشامم الأرواح وتصافح القلوب!!</p>
<p dir="RTL">&nbsp;</p>
<p dir="RTL">وإني أتأسى بتلك الرسائل التي كانت بين الجهبذين الكبيرين -الالوسي والقاسمي- مع ما فيها من الحب والعلم ومتانة الصداقة وقوة المودة لم يجتمعا معا قط حتى فارقا الحياة!!!</p>